مجمَّعٌ سكنيٌّ للعاملين في مطار دمشق الدولي

المعمار: مأمون الورع and شارل كسّاب
السنة: 1980
المدينة: دمشق، سوريا
استعمال المبنى: سكني
الحالة: مبني
الفريق: رسومات: بسام صابور
أَعلنتْ وزارةُ الإسكان والمَرافق (وزارة الأشغال العامّة والإسكان حاليّاً) عن مسابقةِ تصميمِ ضاحيةٍ سكنيّةٍ للعاملين في مطارِ دمشق الدّوليّ في عام 1980. تُمثِّلُ هذه المحاولةُ أحدَ أوائلِ المشاريع التي تبنَّت الاعتمادَ على أنظمة الطّاقة الشّمسيّة السلبية في مشاريعِ الإسكانِ في العالَم، وقد يكون الأوّل في المنطقة العربيّة. فقد استُخْدِمَتْ تلك الأنظمة كانعكاسٍ للحاجَةِ إلى عمرانٍ يَحدُّ مِن استهلاكِ مصادرِ الطّاقة غير المتجدِّدَة إلى الحدّ الأدنى في المنطقة.01
تألّفَتْ هيئةُ تحكيمِ المسابقة مِن وزير الإسكان والمرافق في ذلك الوقت؛ د.م. نورس الدّقر، إلى جانب د.م. روجيه دبا، و د.م. عبد المنعم حربلي، و م. فاروق رجولة، و د.م. رئيف مهنّا. تمّ حجبُ الجائزةِ الأولى حيث لم تمتَثِلْ أيٌّ مِن المقترَحات لمتطلَّباتِ المسابقة، فيما حصَلَ مقترحان على الجائزة الثّانية؛ أحدُهما قدَّمَهُ المِعماريّان مأمون الورع وشارل كساب، والآخرُ قدَّمَه المِعمارُ جوزيف أبو حديد. حثّتْ لَجنةُ التَّحكيمِ الفائزَين على تطويرِ مقترحاتِهما بشكلٍ تشاركيٍّ للحصولِ على تصميمٍ يجمَعُ خصائصَ المقترَحَين. وفي النّهاية، نُفِّذَ المقترَحُ المُطَوَّر المقدَّمُ مِن قِبَلِ الورع وكساب.02 تطوَّر التصميمُ الأصليُّ للمسابقة بعدَ المرحلة الأولى بناءً على ملاحظاتِ لجنة التّحكيم، مع تغييراتٍ واضحةٍ في تكوين وتخطيطِ الوحدات السّكنيّة والوظائفِ والمرافقِ المتاحة وتوزيعِ الخدمات عبر الموقع.
01 مأمون الورع، "السكن الملائم مناخياً في مجال تطبيق الطاقة الشمسية في المجمعات السكنية" (ورقة قُدمت في ندوة استخدام الطاقة الشمسية في العمارة والإنشاءات، دمشق، 14-16/12/1982)
02 استناداً إلى محضر لجنة التحكيم رقم 365 / 25 / 2 تاريخ 16/7/1980 ومحضر لجنة التحكيم رقم 366 / 25 / 2 بتاريخ 25/12/1980، تقدمة المعمار مأمون الورع.
يقعُ المُجمَّعُ في قريةِ سكا في ريف دمشق، شمال غرب مطارِ دمشق الدّولي. وخُطّطَ أن يحوي 2000 وحدةٍ سكنيّةٍ ومَرافِقِها، تتّسعُ لما يُقارِبُ 10,000 ساكنٍ، بتخطيطٍ أفقيٍّ وارتفاعاتٍ منخفِضة. صُمِّمَ المُجَمَّعُ بشكلٍ أساسيٍّ لخدمةِ حركةِ المشاة، مع شارعٍ يحيطُ بالموقع مِن جميعِ جوانبِه، ولا يخترقُه إلّا عبر طريقِ خدمةٍ وحيدٍ، يؤدّي إلى مركز الخدمة المركزيّ الواقعِ في قلبِ المجمَّع الذي يحتوي على العديد من الكتل المرتبطةِ بعضُها ببعضٍ، والتي تضمُّ الخدماتِ الأساسيّةَ للمساكن، مثل المَرافق التجاريّة والحكوميّة والتعليميّة والثقافيّة.
تتكوّنُ الشرائحُ السَّكَنيّة، المنتشرةُ في جميعِ أنحاء الموقع مِن وحداتٍ سكنيّةٍ مترابطةٍ ومتراكبةٍ، ممّا يَخلِقُ ساحاتٍ داخليَّةً ومساراتٍ مُظلَّلةً، فالتراكبُ المِعماريُّ للوحداتِ يشكِّلُ مساراتٍ ثانويّةً تتخلَّلُها وتؤدِّي إلى مساحةٍ خضراءَ في وسطِ كلِّ شريحةٍ سكنيّة. تتمّيزُ كلُّ شريحةٍ بقربها مِن مدرسةٍ ابتدائيّةٍ وروضةِ أطفالٍ مُجاورَتَين، إلى جانب مجموعةٍ مِن الوحدات التي تحتوي على أسواقٍ تجاريةٍ في الطّابق الأرضيّ. يقدِّمُ التّصميمُ ستّةَ نماذجَ للوحداتِ السَّكنَيّةِ بأحجامٍ مختلِفَةٍ، موزَّعة على مختلف الشّرائح السّكنيّة في المجمَّع على طابقَين. تحتوي كلُّ وحدةٍ سكنيّة على فِناءٍ وجميعُ الفراغات فيها موجَّهةٌ نحو الجنوب، مع استخدام ٍملحوظٍ لعناصِرِ التّظليلِ في التَّصميم.
تتميّزُ كلُّ وحدةٍ بسقفٍ زجاجيٍّ مائلٍ يمكنُ تغطيتُه بالخشبِ أو الحَصير، يقعُ في وسط الوحدة ويغطّي خُمسَ مساحتِها الإجماليّة. بالإضافة إلى ذلك، يغطّي سطحٌ من الزّجاجِ الدّاكنِ الموصِل للحرارةِ الجدارَ الجنوبيَّ، لامتصاصِ الحرارة الشّمسيّة، ممّا يساهمُ في التّحكم بالتّهوية والمُناخِ الداخليِّ خلالَ المواسم المختلفة. وعمِلَ مهندسون متخصّصون على مراقبةِ زيادةِ الحرارة وفقدانِها، بالإضافة إلى التّهوية، خلالَ مراحلِ التّصميم المختلفة.03
03 مأمون الورع، "السكن الملائم مناخياً في مجال تطبيق الطاقة الشمسية في المجمعات السكنية."
04 المصدر نفسه.
تمّ وضعُ مبادئَ توجيهيّةٍ لنظامِ الطّاقة الشمسيّة المستخدَم مِن خلال مشاوراتٍ ومباحثاتٍ مع مختصّين، كما استُلْهِمَتْ مِن تجربةٍ لتصميمِ منازلَ تعتمدُ على النّظام الشمسيّ بأسعارٍ منخفِضةٍ شاركَ فيها الورع مع مجموعةٍ من المِعماريّين والمختصّين مِن جامعةِ شيفيلد في المملكة المتّحدة. 04
استُخْدِمَتْ أساليبُ عزلٍ متنوّعةٌ في جميعِ الوحدات. حيث تمَّ عزلُ الأرضيّاتِ بطبقاتٍ مِنَ الطِّين تحتَ الطّبقة الخرسانيّة. وتمّ عزلُ الجدران عن طريق تركِ مسافة 5 سنتيمترات مِن الهواء بين طبقتَين من البلوك الإسمنتيّ إحداهُما بعرضِ 10 سنتيمترات والأخرى بعرض 15 سنتيمتراً. أخيراً، تمّ عزلُ الأسقفِ بترك 5 سم مِن المساحة الفارغة المغطّاة بعازلٍ للرُّطوبة، ممّا يسمحُ بحركةِ الهواء. كما تمَّ استخدامُ الزُّجاج المزدَوَج لتنظيمِ درجةِ الحرارة بشكلٍ فَعَّال.
أُخِذَ تقليلُ تكاليفِ البناء بالحسبان عن طريقِ استخدامِ موادَّ مصنَّعةٍ محلّياً ولا تتطلّبُ أساليبَ بناءٍ معقَّدَة. تمَّ تنفيذُ المُجمَّعِ مِن قِبَلِ "الشركة العامّة للدراسات الهندسية"، ولكنْ تمّ تشييدُ جزءٍ صغيرٍ منه فقط؛ يضمُّ 500 وحدةٍ من أصلِ الألفي وحدةٍ المُخطَّطِ لها، إضافةً إلى عدمِ تنفيذِ المَرافقِ الأساسيّة ومركزِ الخدماتِ المركزيّ.
كما لَمْ يَكنْ التنفيذُ مُطابِقاً للتَّصميم الأصليِّ، ولمْ يتمَّ توجيهُ السُّكَّانِ وتوعيتُهم إلى إدارةِ نظامِ الطَّاقةِ السلبيِّ، ممّا أثَّرَ سَلْباً على جودِتِه وكفاءتِه.05
05 نقلاً عن المعمار مأمون الورع.
01 Mamoun AlWareh, “Climate Appropriate Housing in the Feild of Solar Energy in Residential Complexes” (paper presented at the Usage of Solar Energy in Architecture and Construction conference, Damascus, 14-16, December, 1982).
02 استناداً إلى محضر لجنة التحكيم رقم 365 / 25 / 2 تاريخ 16/7/1980 ومحضر لجنة التحكيم رقم 366 / 25 / 2 بتاريخ 25/12/1980، تقدمة المعمار مأمون الورع.
03 مأمون الورع، "السكن الملائم مناخياً في مجال تطبيق الطاقة الشمسية في المجمعات السكنية."
04 المصدر نفسه.
05 نقلاً عن المعمار مأمون الورع.